هناك تغييران هامان للسلطة يحدثان في هذا القرن وهما إنتقال السلطة وإنتشار السلطة. إنتشار السلطة مشكلة أكثر صعوبة لإدارتها مقارنة بإنتقال السلطة
تعتبر الثورة المصرية حدثا ذو أهمية كبيرة، ففي غضون ١٨ يوما، تغلبت حركة اجتماعية ذات قاعدة عريضة وبدون عنف على الحكومة الاستبدادية الراسخة. لكن مصر لا تزال في الفصل الاول من مسرحية طويلة. وكما أشار الرئيس أوباما في الترحيب بالثورة، فإن القوة المعنوية غير العنيفة أحنت قوس التاريخ ، ولكن الديمقراطية الحقيقية تتطلب مراجعة للدستور، وإجراء انتخابات عادلة وحرة وبناء المؤسسات التي تحمي الحرية وتحافظ على سيادة القانون. فالإستفتاء الأخير على الدستور فى مارس كان خطوة هامة ولكنه اثار أيضاً عدداً من الأسئلة. هل ستفيد الانتخابات التي ستجرى في وقت مبكر الأحزاب الموجودة فقط وتعاقب الجيل الجديد الذي تظاهر في ميدان التحرير، والذي لم يتح له الوقت لتأسيس المزيد من المنظمات الرسمية؟
أما الآن، فإن كل من الجيش والجيل الجديد لديه نوع مختلف من السلطة. فالجيش لديه السلطة مدعمة بالقوة فضلا عن السيطرة على المؤسسات القائمة. أما المتظاهرين فلديهم القوة الناعمة للديمقراطية والقدرة على استدعاء المظاهرات مرة أخرى الذي من شأنه أن يضع الجيش في موقف صعب. ووفقاً لما رأيناه حتى الآن، من غير المرجح أن الجيش المصري يريد ان يتصرف مثل الجيش الصيني في ميدان تيانانمين أو الحكومة الإيرانية في قمع معارضيها. والنتيجة هي الحالة التي يكون فيها لكل طرف القدرة على المساومة، ولكن هل سيتصرف الجيش المصري مثل جيش كوريا الجنوبية في الثمانينات ويبدأ في عملية ديمقراطية حقيقية قد تضعف مركزه المتميز؟ وحتى إذا فعل ذلك، هل لا يزال بالإمكان إختطاف هذه الثورة من قبل الأقليات المنظمة على نحو جيد كما حدث في الثورات الاخرى التي حدثت عبر التاريخ؟
حتى وقت قريب، جادل العديد من المراقبين الخارجيين للشرق الأوسط أن الولايات المتحدة كانت مضطرة لدعم السلطويين حتي لا تقع البلاد فى أيدي الإسلاميين الراديكاليين. وقد تم تجاوز النظرة القديمة للاقطاب المتطرفة عن طريق نشر المعلومات التي ساعدت على خلق وتمكين آفاقا متوسطة جديدة في مصر ودول أخرى. فالولايات المتحدة كثيرا ما شعرت أنه كان عليها في الماضي ان تختار بين قيمها ومصالحها عند صياغة السياسات. لقد عمل الحدث الأخير في مصر الآن على تلاقي هذين الهدفين وينبغي على السياسة الذكية ان تفعل كل ما هو ممكن لمساعدة مصر في تحقيق النجاح
أيا كانت نتائج هذه اللحظة، فإن مصر أوضحت ان الثورة المعلوماتية تعمل على تغيير السياسات العالمية، وهو .الجيش لديه السلطة مدعمة بالقوة فضلا عن السيطرة على المؤسسات القائمة. أما المتظاهرين فلديهم القوة الناعمة للديمقراطية والقدرة على استدعاء المظاهرات مرة أخرى. موضوع كتابي الجديد «مستقبل السلطة». وهناك تغييران هامان للسلطة يحدثان في هذا القرن وهما انتقال السلطة وانتشار السلطة. ويعتبر انتقال السلطة من وضع مهيمن إلى آخر الحدث التاريخي المألوف ، ولكن انتشار السلطة هي عملية حديثة، فالمشكلة بالنسبة لجميع الدول في عصر المعلومات العالمي الحالي هو أن هناك أمور أكثر تحدث خارج نطاق سيطرة الحكومات، حتى القوية منها. ففي عالم قائم على المعلومات، يعتبر إنتشار السلطة مشكلة أكثر صعوبة لإدارتها مقارنة بإنتقال السلطة. وقد ذكرت دائماً الحكمة التقليدية إن الحكومة التي تتمتع بأكبر جيش هي التي تسود، ولكن في عصر المعلومات فإن الجهه التي يكون لديها افضل قصة هي التي تفوز. وتصبح القوة الناعمة لما يُروى جزءاً أكثر أهمية في هذا المزيج
وتبقى الحكومات اللاعب المهيمن على الساحة العالمية، ولكنها تجد المسرح أكثر إزدحاماُ ويصعب السيطرة عليه. فهناك جزء أكبر من السكان داخل وبين الدول لديه حرية الوصول للقوة التي تأتي من المعلومات كما أتضح في مصر، فلقد كانت الحكومات دائما تشعر بالقلق بشأن تدفق المعلومات والسيطرة عليها، وليست الفترة الراهنة هي الاولى التي تأثرت بشدة بسبب التغييرات الجذرية في تكنولوجيا المعلومات. فالثورات ليست جديدة، وليست عدوى تنتقل عبر الحدود الوطنية، ولا الجهات الفاعلة غير الحكومية. ففي عام ١٨٤٨، أجتاحت أوربا موجه ثورية، إلا إن النظام القديم تمكن من الفوز. ولكن الجديد اليوم هو سرعة الاتصال والتمكين التكنولوجي لسلسلة عريضة من اللاعبين فى المسرح. وينبغي ان يحدونا الأمل ان هذا الجيل الجديد سوف يتعلم سريعا اهمية التنظيم الواقعي بالإضافة إلى الافتراضي للديمقراطية. كما أن نجاح الجيل الديمقراطي في مصر ذو أهمية بالغة للمنطقة والعالم
جوزيف س. ناي أستاذ بجامعة هارفارد و مؤلف كتاب مستقبل السلطة