الثلاثاء، ٢١ مارس، ٢٠٢٣ 

السياسه

الإخوان .. منحنى الصعود و التورط

داليا يوسف



مع ظهور الصعوبات و الخلافات .... لم تتم مقاومة الصدام مع المختلفين من المدنيين ( كما تم أمام العسكر) حتى لو كان من بينهم المتآمر أو المتهور ...


يمكننا أن نرسم  منحنى للصعود و التورط لكل الاطراف الآن من قوى سياسية لجماعات ثورية لإعلام  لنخب ... قل ما شئت 


لكن هناك منحنى بعينه  يضئ بلون مختلف واضح ليس فقط لأنه يخص طرف كان الاقدر على تغيير المشهد و لكن لأنه الطرف الذي صعد للسلطة بالفعل ...


سئل   أ. أحمد عارف (أحد المتحدثين الرسميين باسم جماعة الاخوان المسلمين) عن ضرورة توفيق أوضاع الجماعة  في أحد البرامج  ، فرد بأنه يتم العمل على ذلك لكن على المطالبين بهذا  تفهم طبيعة نشأة وتطور جماعة الاخوان كتجربة انسانية لا تنطبق عليها التعريفات الجامدة من جمعية أهلية أو ممارسة لنشاط سياسي أو اجتماعي بعينه 


و انا اوافقه و بناء على حديثه و على تعقيدات كثيرة نعيشها 

افترض بأنه 

لو انحازت الجماعة لتعريفها كحركة اجتماعية / شعبية توظف قدراتها التنظيمية .. لا كتنظيم يوظف قواعده الشعبية و نشاطه الاجتماعي  لتخلصت هذه الثورة من مطبات كثيرة

أكثر الآثار السلبية لسلسلة الازمات المتتالية كان توريط قواعد الاخوان لدرجة تشبيههم بالحزب الوطني و هو أمر غير دقيق لأنه و إن تورطت مستويات قيادية في إدارة مشهد فيه من الرغبة في الاستئثار و العنجهية الكثير .. تظل قواعد الاخوان موزعة اجتماعيا و جغرافيا و يصيبها ما يصيب الناس
و الخيار الاول كان يسلتزم أن تعين الجماعة هذه الثورة لا لتهدم الدولة ولكن لتغير نمط إدارة الدولة بفسادها و تهالكها و قدراتها على القمع و ذلك عبر التحالف مع القوى الوطنية و الثورية من مستقلين و متجاوزين للاحزاب والمزايدات ( اسمع من يقول أين هم و قد فجر الكل في الخصومة ، لكنهم كانوا هناك .. تواجدوا طوال الوقت و حدث و تم التحالف معهم أثناء الانتخابات الرئاسية  ، هذا التحالف تم التخلي عنه بسهولة و تم الانحياز لرؤية التنظيم لأنه خيار آمن معتاد ، و لأن الخيارات و طرق التصعيد والتفاوض تحكمها قواعد نظرة التنظيم لا نظرة الحركة الشعبية الاجتماعية الواسعة  فقد تلاشى هذا التحالف سريعا و تبخرت ملامحه في الهواء ) 


تم مقاومة الصدام مع العسكر في محمد محمود  ، و رغم نزول شباب من الاخوان و أطباء للتضامن و المساندة لكن الصوت الرسمي للجماعة و إعلامها أظهرا تبنيا لوجهة نظر المجلس العسكري وقتها و استسهال لوصم الاحداث وقتها بأنها فوضى و بلطجة .. و بعدها بشهور قليلة يتم التراجع و الاحتفاء ببعض من قطاعات شباب مشهد محمد محمود و مجلس الوزراء لانحيازهم لانتخاب مرسي في مواجهة النظام السابق متمثلا في شفيق


ثم وبعد الصعود و مع اي إشارات إيجابية في اتجاه تحرر المصريين من قمع أو فساد كان يتم تأييد الرئاسة شعبيا و من مستقلين بل ومن بعض الخصوم السياسيين من الشرفاء ... كانت هناك فرصة لبناء شعبية داعمة للرئاسة تتجاوز التنظيم و تتجاهل تحيزات صارخة للاعلام هنا أو مؤمرات هناك .. فلماذا لم يبن عليها ؟!!


مع ظهور الصعوبات و الخلافات .... 

لم تتم مقاومة الصدام مع المختلفين من المدنيين ( كما تم أمام العسكر) حتى لو كان من بينهم المتآمر أو المتهور ...


بل و الأخطر على الاطلاق أنه تم توريط قواعد الاخوان في مواجهة المختلفين بدء من " جمعة الحساب" و مرورا باتخاذ امر بنزول قواعد الاخوان والمؤيدين لدعم قرارات للرئيس لم تعلن بعد !! و كان مقصود بها قرار عزل النائب العام ، 

يبدو الكلام ساذجا أمام الدماء والغضب ، لكن جانب من تجاوز ما يحدث و إصلاح الامور يتعلق – على الاقل في المدى القصير – بمراجعة و تغيير طرق صنع القرار و إمكانات التصعيد داخل الجماعة و محاولة دعم الرئاسة في صناعة قاعدة شعبية تتجاوز التنظيم وتتأسس على مراعاة الحقوق و تنفيذ الوعود بدلا من التوريط المتبادل بين الرئاسة و قواعد الاخوان
يمكنك أن تنتقد كما شئت توريط نخب من القضاة والقانونيين و تخبط بعض من الثوار و تناقض مواقف بعض النخب ... إزاء مسألة عزل النائب العام ... ، لكن استخدام قواعد الاخوان على هذا النحو أشار بقوة لسيطرة عقلية التنظيم التي بددت رصيد تحالفات  الجماعة  مع المختلفين عنها و التي كانت مدخلا قويا وأساسيا لإعادة بناء الدولة تأسيسا على مطالب الثورة ، ثم أنها أظهرت قواعد الاخوان كما لو كانوا دائرة تأييد تعمل اتوماتيكيا ... حتى مع تغيير القرارات الرئاسية بتزايد الضغوط 


و مع أزمة الإعلان الدستوري .. تكاثرت و تنافرت المشاهد والمواقف ليأتي مشهد الاتحادية صادما .. و كانت قد تأسست فكرة مواجهة الناس لبعضهم في الشارع ..  اجبر كثيرون ( و انا منهم) على ما سمى بالحياد البغيض مخافة الدم ولتسلل المستفيدين و المحرضين ..


لكن و رغم كل الملابسات ظلت المسئولية عن المشهد مسئولية سياسية للرئاسة على وجه التحديد بما فيها استدعاء الناس و قد سقط  شهداء  من الاخوان ... كانت فرصة مؤلمة للتوقف و المراجعة لكن اضطراب في القرار استمر و ظهرت فكرة الدوائر الضيقة من المستشارين و سيطرة التنظيميين ... و جاء حديث د.أحمد كمال أبو المجد حتى بعد لعب دور لحل أزمة الإعلان الدستوري ليؤكد هذا حينما قال بأن جزء كبير من صناعة الازمة يتعلق بنمط التفكير داخل جماعة الاخوان و تصعيد التنظيميين بما صعب مهمة بناء مؤسسة رئاسة قوية غير متحيزة ......


أكثر الآثار السلبية لسلسلة الازمات المتتالية كان توريط قواعد الاخوان لدرجة تشبيههم بالحزب الوطني و هو أمر غير دقيق لأنه و إن تورطت مستويات قيادية في إدارة مشهد فيه من الرغبة في الاستئثار و العنجهية الكثير .. تظل قواعد الاخوان موزعة اجتماعيا و جغرافيا و يصيبها ما يصيب الناس مثل السيدة التي أشارت إلى أنها نسيبة الرئيس مرسي و الشرطة القت القبض على ابنها بالزقازيق عند بيت مرسي .. أول وجودهم وسط ضحايا حوادث الطرق و القطارات و انهيار البيوت ، بل و كونهم من أهالي الشهداء و المصابين ممن لم يحصلوا على حقوقهم إلى الآن ... ربما هذه التوزيعه لو رفع عنها أعباء جمود التنظيم تتحول لصمام الامان تضمن تفهم تعقد و تعدد المصريين  


بقدر ما تتراجع عقلية التنظيم .. بقدر ما تزيد قوة الفكرة بأن الانتماء لجماعة لا يعنى التخلى عن تكوين رؤى و مسارات متعددة  

أما على المدى المتوسط والطويل .. فالكل رغم التشوهات التي تعرضنا  مطالب بالمساهمة في صنع بدائل يمكن مع الوقت تجعلنا على مسار يقربنا من تحقيق أهداف هذه الثورة ...
وتتزايد إمكانية ألا تدار الجريدة / القناة التلفزيونية / العمل النقابي ... بطرق أقرب لحسابات التنظيم منها لوسائل تواصل و تضامن مع  الناس  أو حتى منافذ  لادارة الخلاف و الخصومة معهم و بقدر ما يتم هذا بقدر ما  يقل التورط و تنفتح شقوق     في الجدر المصمتة التى فصلت الناس عن بعضها  


يبدو الكلام ساذجا أمام الدماء والغضب ، لكن جانب من تجاوز ما يحدث و إصلاح الامور يتعلق – على الاقل في المدى القصير – بمراجعة و تغيير طرق صنع القرار و إمكانات التصعيد داخل الجماعة و محاولة دعم الرئاسة في صناعة قاعدة شعبية تتجاوز التنظيم وتتأسس على مراعاة الحقوق و تنفيذ الوعود بدلا من التوريط المتبادل بين الرئاسة و قواعد الاخوان 


أما على المدى المتوسط والطويل .. فالكل رغم التشوهات التي تعرضنا  مطالب بالمساهمة في صنع بدائل يمكن مع الوقت تجعلنا على مسار يقربنا من تحقيق أهداف هذه الثورة ...